الوقائع المثبتة لوفاء الكلاب بالدين الاسلامي
موضوع منقول له اهميته بحياتنا العربيه والاسلاميه فارجو لكم النفع والفائده
يورد أقوالاً في مكانة الوفاء عند الكلاب، وبعض الوقائع المثبتة لوفاء الكلاب,, فقد روى عمر بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه، قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً قتيلاً، فقال عليه الصلاة والسلام: ما شأن هذا الرجل قتيلاً؟ فقالوا: يا رسول الله، إنه وثب على غنم بني زهرة، فأخذ منها شاة، فوثب عليه كلب الماشية فقتله: فقال صلى الله عليه وسلم: قتل نفسه، وأضاع ديته، وعصى ربه عز وجل، وخان أخاه، وكان الكلب خيراً من هذا الغادر ثم قال صلى الله عليه وسلم: أيعجز أحدكم أن يحفظ أخاه المسلم في نفسه وأهله، كحفظ هذا الكلب ماشية أربابه ورأى عمر بن الخطاب رضي الله عنه أعرابياً يسوق كلباً، فقال: ما هذا معك؟.
فقال: يا أمير المؤمنين، نعم الصاحب، ان اعطيته شكر، وان منعته صبر قال عمر: نعم الصاحب فاستمسك به, وروي ان بعض الحكماء طلب منه رجل أن يوصيه فقال: ازهد في الدنيا ولا تنازع فيها أهلها، وانصح لله تعالى كنصح الكلب لأهله، فإنهم يجيعونه ويضربونه، ويأبى إلا أن يحوطهم نعماً.
وقال الأحنف بن قيس: إذا بصبص الكلب لك فثق بود منه، ولا تثق ببصابص الناس، فرب مبصبص خوان.
وقال الشعبي: خير خصلة في الكلب انه لا ينافق في محبته، وقال ابن عباس: كلب أمين خير من انسان خؤون.
وأنشد بعضهم:
لكلب الإنس ان فكّرت فيه أشدّ عليك من كلب الكلاب
لأن الكلب تخسؤه فيخسا وكلب الناس يربض للعتاب
وبعض الأعراب يحب الكلب لخصاله: فهو يدل الضيف عليه، في الليل والعرب تحب الكرم وتمدح باقرار الضيف أو يحرس صاحبه وأغنامه إذا نام، ويدافع عن أولاده كل مصيبة، ويسمون أولادهم عليه: كليب، وكلاب، وأكلب، ومكلب ومكالب,, يقول الأصمعي: سمعت بعض الملوك، وهو يركض خلف كلب، وقد دنا من ظبي، وهو يقول من الفرح: إيه فدتك نفسي.
وذكر من وفاء الكلاب، أن الكلب يفدي صاحبه بنفسه، بينما الإنسان يغدر بصاحبه، وصديق عمره، فقد حدثه عبيد الله بن محمد الكلبي: قال: حدثني أبي عن محمد بن خلاد قال: قدم على بعض السلاطين رجل، وكان معه حاكم أرمينية منصرفاً إلى منزله، فمر في طريقه بمقبرة، فإذا قبر عليه قبة بنية مكتوب عليها: قبر كلب، فمن أحب أن يعلم خبره، فليمض إلى قرية كذا، فإن فيها من يخبره,, فسأل الرجل عن القرية؟ فدلوه عليها، فقصدها وسأل أهلها، فدلوه على شيخ فبعث إليه وأحضره، وإذا شيخ قد جاوز المائة سنة، فسأله فقال: نعم كان في هذه الناحية ملك عظيم الشأن، وكان مشهوراً بالنزهة والصيد والسفر، وكان له كلب قد رباه وسماه باسم، وكان لا يفارقه حيث كان، فإذا كان وقت غدائه وعشائه أطعمه مما يأكل، فخرج يوماً إلى بعض منتزهاته، وأمر بربط الكلب لئلا يذهب معه، وقال لبعض غلمانه: قل للطباخ يصلح لنا ثريدة لبن، فقد اشتهيتها فأصلحوها، ومضى إلى منتزهاته، فتوجه الطباخ وجاء بلبن وصنع له ثريدة عظيمة، ونسي أن يغطيها بشيء، واشتغل بطبخ شيء آخر، فخرجت من بعض الشقوق أفعى فكرعت في ذلك اللبن، ومجته في الثريدة من سمها، والكلب رابض مربوط يرى ذلك كله، ولو كان له في الأفعى حيلة لمنعها، ولكن لا حيلة للكلب من الأفعى والحية، وكان عند الملك جارية خرساء زَمنَاء لا تستطيع القيام أو الحركة وقد رأت، صنع الأفعى.
ورجع الملك من الصيد في آخر النهار، فقال: يا غلمان أول ما تقدمون إليّ الثريدة، ولما وضعت بين يديه، أومأت الخرساء إليهم، فلم يفهموا ما تقول، ونبح الكلب وصاح، فلم يلتفتوا إليه، وألح في الصياح، فلم يعلم مراده فيه، ثم رمي إليه بما كان يرمى إليه في كل يوم فلم يقربه، ولج في الصياح، فقال لغلمانه: نحوه عنا فإن له قصة، وفك رباطه، مد الملك يده إلى اللبن، فلما رآه الكلب يريد أن يأكل، وثب إلى وسط المائدة، فأدخل رأسه في اللبن، وكرع منه، فسقط ميتاً وتناثر لحمه، وبقي الملك متعجباً منه ومن فعله، فأومأت الخرساء إليهم، فعرفوا مرادها، بما صنع الكلب، فقال الملك لغلمانه وحاشيته: إن من فداني بنفسه لحقيق بالمكافأة، وما يحمله ويدفنه غيري، ودفنه بين أبيه وأمه، وبنى عليه قبة وكتب ما قرأت، وهذا ما كان من خبره.
ومن وفاء الكلب روي عن أبي الدنيا باسناد ذكره النحوي في حديث مشهور: ان الطاعون الجارف أتى على أهل دار فلم يشك أحد من أهل المحلة، انه لم يبق فيها صغير ولا كبير، وكان قد بقي في الدار صبي رضيع صغير، يحبو ولا يقوم، فعمد من بقي من أهل تلك المحلة، إلى باب الدار فسدوه، فلما كان بعد ذلك بأشهر تحول إليها بعض ورثة القوم، فلما فتح الباب، وأفضى إلى عرصة الدار أو وسطها إذا هو بصبي يلعب مع جرو كلبة كانت لاصحاب الدار، فلما رآها الصبي حبا إليها فامكنته من لبنها، فعلموا ان الصبي بقي في الدار، وصار منسياً، واشتد جوعه، ورأى جرو الكلبة يرضع، فعطف عليها وعطفت عليه، فلما سقته مرة، أدامت له وأدام لها الطلب تلك المدة، سبحان مسبب الأسباب.
والكلب يحافظ على حرمات صاحبه، ويرعى كل أمر يهمه، فقد كان للحسن بن مالك القنوي اخوان وندمان، فأفسد بعضهم حرمته في أهله، وكان للحسن على باب داره كلب قد رباه، فجاء الرجل يوماً في غياب الحسن إلى منزله، فدخل إلى امرأته، فقالت له: قد بعد فهل لك في جلسة يسر بعضنا ببعض فيها؟ فقال: نعم فأكلا وشربا، ووقع منهما الشر، ورأى الكلب ذلك، فوثب عليهما فقتلهما,, فلما جاء الحسن ورآهما على تلك الحال، تبين ما فعلا، فأنشأ يقول:
أضحى خليلي بعد صَفو مودّتي صريعاً بداء الذّلّ أسلمه الغدر
وَطَا حُرمتي بعد الإخاء وخانني فغادره كلبي وقد ضمّه القبر
وكثيراً ما يكون الكلب سبباً في نجاة صاحبه من مصيبة كبيرة، قد تكون مهلكة بينما الانسان يغدر بصاحبه ويخونه، يقول المؤلف: وسمعت من رجل من أهل البصرة كانت له صحبة مع أهلي انه خرج الى بساتين أعلى البصرة، ومعه كلب، ولما كان بجوار أحد أنهار البصرة، كده الحر، فدخل احدى قباب القصب، الذي يخرجه الفلاحون من أجل تجفيفه ويصنعون منه ما يشبه القباب، ويسكنون فيها، قال: فنمت بالقبة، وكانت حارة جداً، وتنبهت بعد العصر، وقد انصرف الذين يجمعون القصب، فاستوحشت للوحدة، وعملت على القيام، فاذا بأفعى في غلظ الساق أو الساعد، متدورة على باب القبة كالطبق العظيم.
فلم أجد للخروج سبيلاً، ويئست من نفسي، وجزعت جزعاً شديداً، وأخذت في التشهد والتضرع الى الله سبحانه, وبينما أنا كذلك، اذا بالكلب أقبل من بعيد فلما رأى الأفعى، وقف برهة بعيداً عنها، ثم رجع من حيث أتى وأنا لا استطيع رفع صوتي منادياً له وما ان غاب قليلاً حتى رجع ثانية، ومعه كلب آخر أكبر منه، فوقف الواحد من يمين باب القبة والآخر على يسارها، وصار الواحد عند رأس الأفعى، والآخر عند ذنبها، ثم وثبا في حال واحدة، واذا رأس الأفعى، وذنبها في فم كل واحد منهما، ولم تستطع الافلات منهما، وجراها بعيداً عن مكاني، فخرجت مسروراً، وبعد ذلك لحق بي الكلب الذي نجاني الله بحيلته.
وقد زاد الناشر الأول في صفحات في خصال الكلب المحمودة، ووفاء الكلب، وفي مديح الكلب، ونظرة الفقهاء له، ومن خصال الكلب نسب للحسن البصري انه قال في كلب عشر خصال حميدة وكذلك ينبغي أن تكون في كل مؤمن: الأولى لا يزال خائفاً وذلك لعارض دأب الصالحين، الثانية: ليس له مكان يعرف وذلك من علامات المتوكلين، الثالثة: انه لا ينام من الليل الا قليلاً، وذلك من صفات المحسنين، الرابعة: اذا مات لا ميراث له وذلك من أخلاق الزاهدين، الخامسة: لا يترك صاحبه ولو جفاه وضربه وذلك من صفات المريدين، السادسة: يرضى من الدنيا باليسير، وذلك من علامات المتواضعين، السابعة: اذا طرد من مكان وانصرفوا عنه عاد اليه، وذلك من علامات الراضين، الثامنة: اذا ضرب وطرد، ثم دعي عاد بلاحق وذلك من صفات الخاضعين، التاسعة: اذا حضر شيء للأكل جلس من بعيد وذلك صنع المساكين، العاشرة: اذا رحل من مكان لا يرحل ومعه شيء يلتفت اليه، وذلك من صفات المتجردين,, ونكتفي بالنماذج التي اوردنا دون المقارنة مع خصال الانسان، لأن ذلك مما يدركه القارىء.
نماذج من الخيانة:
جاء في كتاب المنتخب من أدب العرب لطه حسين وزملائه: ان سبب قتل المعتصم بالله آخر خلفاء بني العباس: انه لما ولي الخلافة لم يتوثق أمره، لأنه كان قليل المعرفة بتدبير الملك، نازل الهمة، مهملاً للأمور المهمة، محباً لجمع المال، فأهمل أمر هولاكو وانقاد الى وزيره ابن العلقمي، حتى كان في ذلك هلاكه، وهلاك الرعية، فان وزيره ابن العلقمي الرافضي، كان كتب كتاباً الى هولاكو ملك التتار في الدشت: انك تحضر الى بغداد، وأنا اسلمها لك، وقد داخل قلب اللعين الكفر، فكتب هولاكو: ان عساكر بغداد كثيرة، فان كنت صادقاً فيما قلته، وداخلا في طاعتنا، ففرق عساكر بغداد، ونحن نحضر.
فلماوصل كتابه الى الوزير، دخل على المعتصم بالله، وقال: ان جندك كثيرة، وعليك كلفة كبيرة، والعدو قد رجع من بلاد العجم، والصواب انك تعطي دستور الخمسة عشر ألفاً من عسكرك، وتوفر معلومهم، فأجابه المعتصم لذلك، فخرج الوزير لوقته، ومحا اسم من ذكر من الديوان، ثم نفاهم من بغداد، ومنعهم من الاقامة بها، ثم بعد شهر فعل مثل فعلته الأولى، ومحا اسم عشرين ألفا من الديوان، ثم كتب الى هولاكو بما فعل، وكان قصد الوزير بمجيء التتار، أشياء منها انه كان رافضياً خبيثاً، وأراد أن ينقل الخلافة من بني العباس الى العلويين، فلم يتم له ذلك، من عظم شوكة بني العباس وعساكرهم، فأفكر ان هولاكو اذا قدم يقتل المعتصم بالله واتباعه، ثم يعود الى حال سبيله، وقد زالت شوكة بني العباس، وقد بقي هو على ما كان عليه من العظمة والعساكر وتدبير المملكة، فيقوم عند ذلك بدعوة العلويين الرافضة، من غير ممانع لضعف العساكر ولقوته، ثم يضع السيف في أهل السنة، فهذا كان مقصده قبحه الله.
ولما بلغ هولاكو ما فعل الوزير ببغداد ركب وقصدها، الى أن نزل عليها، وصار المعتصم بالله، يستدعي العساكر، وتجهز لحرب هولاكو، وقد اجتمع أهل بغداد، وتحالفوا على قتال هولاكو، وخرجوا الى ظاهر بغداد، ومشى اليهم هولاكو بعساكره، فقاتلوا قتالاً شديداً، وصبر كل من الطائفتين صبراً عظيماً، وكثرت الجراحات والقتلى في الفريقين، الى أن نصر الله تعالى عساكر بغداد، وأنكسر هولاكو أقبح كسرة، وساق المسلمون خلفهم، وأسروا منهم جماعة، وعادوا بالأسرى، ورؤوس القتلى الى ظاهر بغداد، ونزلوا بخيمهم مطمئنين بهروب العدو، فارسل الوزير ابن العلقمي في تلك الليلة جماعة من أصحابه فقطعوا شطر دجلة، فخرج ماؤها على عساكر بغداد وهم نائمون، فغرقت مواشيهم وخيامهم وأموالهم، وصار السعيد منهم من لقي فرسا يركبها، وكان الوزير ابن العلقمي قد أرسل الى هولاكو يعرفه بما فعل، ويأمره بالرجوع الى بغداد، فرجعت عساكر هولاكو الى ظاهر بغداد، فلم يجد هناك من يردهم، فلما اصبحوا استولوا على بغداد، وبذلوا فيها السيف، ووقع منهم أمور يطول شرحها, وقد أمر هولاكو بوضع الخليفة وولده في عدلين، وأمر التتار برفسهما الى ان ماتا، ثم نهبت دار الخلافة ثم أحرقت بغداد بعد أن قتل أكثر أهلها، حتى قيل ان عدة من قتل في نوبة هولاكو يزيد على ألف ألف وثلاثين ألف انسان، وبقيت الدنيا بلا خلافة الى أن أقام الملك الظاهر بيبرس ببعض بني العباس في الخلافة، أما ابن العلقمي فأمسكه هولاكو ووبخه بألفاظ شنيعة، ثم قتله شر قتلة، قائلاً لا خير فيمن خان مخدومه, ص 239 242 نقلاً عن كتاب الخميس للديار بكري
ودمتم .
|